د: مزروعة يواصل تحذيراته من التنظيمات السرطانية في جسد الأمة لـ "الألوكة" (5 - 5)

د: مزروعة يواصل تحذيراته من التنظيمات السرطانية

في جسد الأمة لـ "الألوكة" (5 - 5)

أهم العناوين التي تم تنالها في الجزء الأخير من الحوار:

♦ مخاطر البابيَّة.

♦ ضَلال القاديانيَّ.

♦ طائفة الأحباش.

♦ فتاوى كارثيَّة.

♦ نظرية دارون.

يُواصِل الدكتور محمود مَزروعة - العميد الأسبق لكلية أصول الدين؛ جامعة الأزهر، وعضو مجلس أمناء الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح - عرْضَ همومه على أبناء أمته الذين تَفترِسهم الأفكار الشيطانيَّة، ويَبكي قلبُه دمًا على كل شاب أو فتاة وقع فريسَة للأفكار الشيطانية التي تتحوَّل إلى تَنظيمات خادِعة، يُزيِّنها شياطين الإنس من خلال الشعارات البراقة، يواصِل في حوارِنا المُمتدِّ معه كشفَ جُذور الفِتنة والانحِراف العَقائدي التي قام به أعداء الإسلام صَراحة أو مِن وَراء حِجاب.

مخاطر البابيَّة:

وماذا عن طائفة البابية التي ما زال لها أتباع في إيران وبعض الدول العربية؟

د. محمود مزروعة: البابيَّة من الحركات الباطنية الحديثة التي نشأت في إيران وانتقلت بعد ذلك إلى العراق وبلاد أخرى، وهي حركة باطنية نُسبِت إلى الميرزا "علي محمد رضا الشيرازي" المولود سنة 1819 للميلاد، ومات مقتولاً سنة 1850 للميلاد، و"علي محمد رضا الشيرازي" الذي تُنسَب إليه البابية ولد بإيران، ثمَّ تلقى تعليمه على أيدي مُعلمي الشيعة "الشيخية"، والشيخية فِرقة شيعيَّة غالية تؤمن بحلول الإله في الإمام علي بن أبي طالب، ثم حلول الإله من بعد في أئمَّتهم واحدًا بعد الآخَر، ويؤمنون بما يسمونه "الحقيقة المُحمدية"، وأن هذه الحقيقة قد تجلَّت بعد النبي محمد - عليه الصلاة والسلام - في أئمَّتهم أيضًا، فالإمام عندهم جامع بين حلول الإله وحلول الحقيقة المحمدية فيه - كما يزعمون.

ومِن عقائد البابية أن الإمام الثاني عشر للشيعة قد ظهَر بعده أئمة آخَرون، وأن آخِر الأئمَّة عندهم هو "كاظم الرشتي"، وهو نفسه الذي تولى تنشئة وتعليم "علي محمد الشيرازي" مُنشِئ البابية، وللعلم فإن "علي محمد الشيرازي" الذي تنسب إليه البابية بدأ تعليمه وهو في السادسة من عمره.

ضَلال القاديانيَّة:

من الطوائف الضالة التي احتضنَها الاستعمار والصِّهيونية العالميَّة وما زالت: طائفة "القاديانية أو الأحمدية"، التي أصبحَت لها فضائيات تَنطلِق مِن الغرب وتدَّعي أنها المُمثِّلة الوحيدة للإسلام والمُتحدِّثة باسمه.

د. محمود مزروعة: القاديانية حركة إلحادية نشأت بالهند في سنة 1900 م، وقد عمل الاستعمار الإنجليزي بالهند على إنشائها ووضع أسسِها، وأمدَّها بالمعونة والمساعدة؛ لأن الهند كان بها أغلبية هندوسيَّة وأقلية مُسلمة، ولم يكن للهُندوس كبير خطر على الإنجليز في الهند؛ لأن الهندوسية التي يَدين بها الهندوس ديانة تقوم على السلبيَّة والخُنوع؛ لهذا ركَنوا إلى الاستعمار وسكَنوا، وقصارى ما فعلوه لإظهار عدم رضاهم التظاهُرُ بالطرق السلميَّة، أما المسلمون في الهند في ذلك الوقت، فقد قاوموا الإنجليز، وأعلنوا الجهاد ضد المُستعمِرين وأقضُّوا مضاجِعهم، من هنا بدأ الإنجليز يُفكِّرون كيف يَقضون على مُقاوَمة المسلمين ويشغلونهم عن الجهاد، ووقع اختيارهم على رجل من أسرة خائنة لوطنها، اشتهرت بخيانة الدين والوطن وخدمة الاستعمار الصليبي، وكان هذا الرجل هو "ميرزا غلام أحمد القادياني"؛ لذلك اختاره الإنجليز لهذه المهمَّة، فقام بها كما رغب أسياده الإنجليز، وقد أمدَّه الإنجليز بالتأييد المادي والمعنوي، حتى ظهَرت دعوته الباطِلة، وصار له أتباع داخل الهند، ثمَّ بعد هلاكه استغلَّت إنجلترا نفوذَها لنَشرِ ديانتِه خارج الهند، وما زال هذا الوضع مُستمرًّا حتى اليوم؛ حيث تَحتضِن لندن كثيرًا منهم، ويُطلِقون منها فضائياتهم.

طائفة الأحباش:

هناك طائفة تُطلق على نفسها: "الأحباش"، وقد ظهَرت في الإعلام منذ سنوات، حتى ظنَّنا أنها وليدة السنوات الأخيرة، إلا أن لها جذورًا، فما هي؟ وما هي أهمُّ عقائدها؟

د. محمود مزروعة: طائفة الأحباش طائفة حديثة بدأت تظهَر في السبعينيات من القرن العشرين، وعمرها قصير؛ لكنها أحدثت من الفتنة في لبنان ما لم تُحدثْه طوائف أسبق منها بكثير، وهذه الطائفة سُميت "الأحباش" نِسبةً إلى مُنشِئها "عبدالله محمد الحبشي"، الذي قَدِم من الحبشة إلى لبنان عام 1979، وعقيدة الأحباش في صفات الله -تعالى- مؤوِّلة كالمعتزلة والجهمية، وفي أفعال العباد جبرية، وفى الإيمان مُرجئة، وعقيدتهم قائمة على الوسائط؛ فهم يتوسَّلون بالموتى، ويَستغيثون بهم، ويتوجَّهون إليهم لقضاء الحاجات، وهم يعتقدون أن الأموات يَخرُجون من قبورهم لقضاء حاجات المستغيثين بهم ثم يَعودون مرة أخرى، كما يجيزون الاستِعاذة بغير الله - سبحانه - فيُجيزون قول: "أعوذ برسول الله من الشيطان الرجيم"، ومَنهجهم في العقائد يقوم على الطرق الصوفية كالنقشبندية والرفاعية، وشيخ الإسلام عندهم هو "ابن عربي" صاحب وحدة الوجود والحلول والاتحاد، والذي شهد العلماء بكُفرِه، ويقوم منهجهم في الدعوة على تكفير علماء المسلمين من أهل السنَّة جميعًا، وقد خَلَعَتْ مجلة "الهُدى" الحبشية التي يُصدرونها ألقاب الكفر على الأئمة المشاهير؛ فمثلاً "ابن تيمية" عندهم كافر، والإمام "الذهبي" خبيث، والشيخ "ابن عبدالوهاب" قاتل كافر، و"ناصر الدِّين الألباني" كافر، و"سيد سابق" مجوسي، و"سيد قطب" من كبار الخوارج، إلى غير ذلك، أما ابن عربي، فشَيخ الإسلام وقطب الوجود.

فتاوى كارثيَّة:

هل هذا موجود في فتاوى رسمية لهم؟

د. محمود مزروعة: ليست هذه الفتاوى فقط، بل للحبَشي فتاوى أخرى خرج فيها على الأمة المسلمة؛ فهو يُبيح الصبيَّ الحرَّ وشراءه، ويُبطل زكاة المال؛ لأن الأموال في أيدي الناس عُملة ورقية، والزكاة إنما تجب على الذهب والفضة، وهذه الطائفة بدأت تَنتشِر في أمريكا وكندا، وتُحاول التسلُّل إلى بعض المجتمعات الإسلامية، ومِن هنا وجب التحذير منها، ولفْت الأنظار إليها، وأخذ الحيطة مِن أفكارها، وفتنها بالغُموض والتعقيد والتطرُّف والغُلوِّ؛ قصدًا إلى إخفاء أهداف الحركة أولاً، ثم إلى لفت الأنظار وجذب المثقَّفين.

نظرية دارون:

حذرتم من إيمان البعض مِن أبناء جلدتنا بنظرية التطور، أو ما يُسمى أحيانًا نظرية النشوء والارتقاء، أو ما يُسمى "الداروينية"، فما هو تَفنيدكم لها؟

د. محمود مزروعة: هذه النظرية نُسبت إلى دارون أشهر القائلين بتلك الخُرافة الموهومة، أو بذلك التيار الزائف، ولهذا التيار أسماء كثيرة، لكنه اشتهر عند الباحثين والدارسين بنظرية التطور الحيوي أو نظرية التطور العُضوي، ولعلَّه من الأرفَق أن نَعرض لمعاني كلمة تطوُّر، وذلك من خلال أمرين؛ أولهما: أن لفظَة (التطوُّر) هي أشهر صِفات النظرية الكاذبة، وأن مُحتوى النظرية في جملته قائم على ما يُسمَّى بالتطور، وثانيهما: أن بعض مَن افتُتنوا بهذه النظرية الفاسدة - ومنهم ذوو الأغراض الخبيثة - قد زعَموا أن الإسلام قد جاء بما يؤيِّد هذه النظرية، بل زادوا على ذلك فزعَموا أن الإسلام قد سبَق إلى القول بها وتقريرها، وأن القول بها قد جاء نصًّا من نصوص القرآن المجيد، وقد كذَبوا.

•  •  •

الدكتور محمود مزروعة في سطور:

♦ الدكتور محمود محمد مزروعة، أستاذُ العقيدة الإسلامية بجامعتي الأزهر وأمِّ القُرى في المملكة العربية السعودية.

♦ تولى عِمادة كلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية - جامعة الأزهر.

♦ له أكثر مِن ثلاثين مؤلَّفًا في مختلف فروع العقيدة والمِلَل والنِّحَل.

♦ أكثر مَن تصدى للانحراف العقائدي؛ من خلال مؤلفاته أو شهادته التاريخية أمام المحكمة بكُفْر فرج فودة.

♦ كانت له آراء جريئة ضدَّ الظلم في عصور عبدالناصر والسادات ومبارك؛ مما تسبَّب في سجنه وطرده خارج مصر.

♦ يشغَل حاليًّا عضو مجلس العلماء بالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح.

♦ أهدى 15 ألف كتاب من مكتبته الشخصية إلى كلية أصول الدين؛ حتى يَنتفِع بها طلاب العلم.